أكذوبة بقايا الهيكل

تاريخ الإضافة الخميس 29 تشرين الثاني 2007 - 11:31 ص    عدد الزيارات 5063    التعليقات 0     القسم

        



طالعتنا الصحف العبرية بتاريخ 21/10/2007 بخبرٍ مفاده أنّ سلطة الآثار "الاسرائيلية" اكتشفت بقايا أثرية تعود الى ما يُسمّى الهيكل الاول (أو ما يُسمّى بهيكل سليمان) وذلك أثناء قيام دائرة الأوقاف الإسلامية بحفر قناتين داخل باحات المسجد الأقصى المبارك، لوضع أسلاك كهربائية جديدة مكان الخطوط القديمة التي لم تعُدْ تتحمّل الضغط الكهربائي نتيجة قِدَمها ونتيجة الزيادة في الاستهلاك وخصوصاً في أيام الاعياد والمناسبات.

 

والحديث يدور عن قناتيْن تتّجه أولاهما من جانب المسجد "القبلي" باتجاه المصلّى المرواني ومن ثم تعرِّج شمالاً باتجاه باب الأسباط ومن ثمّ تنتهي بباب حطة، أمّا القناة الثانية فتبدأ من قبة الصخرة في الجهة الشرقية بحيث تسير إلى قبة السلسلة ومن هذه القبة تسير باتجاه الشمال حتى تصل إلى لوحة كهربائية قرب غرفة مدير المسجد الأقصى المبارك.

 

وهناك أيضاً قناة صغيرة ثالثة لا يتجاوز عمقها 20 سم، أقيمت أيضاً للغرض نفسه من أجل مدّ أسلاكٍ كهربائية وخط هاتف، بحيث تسير هذه القناة بالقرب من المتحف الاسلامي في الجهة الغربية إلى باب السلسة ثمّ الى باب القطانين وتمرّ بباب الحديد وتنتهي عند باب الغوانمة.

 

أمّا فيما يتعلّق بالقناة الأولى والثانية آنفتا الذكر فإنّ عمق كل واحدةٍ منهما لا يتجاوز ما بين 40-60سم، وعليه فإنّه في هذا العمق لا تتوفّر أيّ طبقات تعاقبٍ أثريّ تغطّي هذه الفترة الزمنية، فالمستوى في المناطق التي تمّ وضع الأسلاك الكهربائية وخطوط الهاتف فيها قد تمّ رفع مستواها متراً واحداً في فترة المجلس الاسلامي الأعلى، وذلك بهدف إقامة قنوات ومصارف لتجميع مياه الأمطار، لذلك فإنّ أيّ ادّعاءٍ بوجود مكتشفات أو بقايا للهيكل الأول المزعوم عارٍ عن الصحة ولا يتمتّع بأيّ مصداقية علمية.

 

ولكي نفصّل في هذا الموضوع أكثر نؤكّد على الحقائق العلمية التالية:

1- أنّ المنطقة الواقعة الى الشمال من قبة الصخرة المشرفة والتي يمرّ جزءٌ من القنوات فيها لم يثبتْ تاريخياً ولا أثرياً أنّها كانت مبنية.

2- أنّ علم التراصف أو علم دراسة الطبقات الجيولوجية المسمّى "Stratigraphy" يؤكّد أنّ الطبقات التي تمّ فحصها في محيط المسجد الأقصى المبارك لا تمتّ إلى الفترة التي بُنِي فيها الهيكل المزعوم بصلة.

3- أنّ المنطقة التي تمّ فيها الحفر تم رفعها كما أسلفنا متراً واحداً في فترة المجلس الاسلامي الأعلى، أمّا عمليات الحفر الحالية تتراوح ما بين 20-40-60 سم فقط.
4- أنّ المنطقة الموجودة إلى الجنوب من قبة الصخرة المشرفة هي أرضٌ شديدة الانحدار في أصلها، حيث تبدأ نقطة الانحدار هناك من أعلى نقطة في باحة الحرم وهي الصخرة المشرفة، بحيث يسير هذا الانحدار باتجاه الجنوب، وعليه فإنّه معلوم تاريخياً أنّ المسلمين بعد أنْ فتحوا البلاد وخلّصوها من أيدي الفرس قاموا باستجلاب الأتربة من أماكن مختلفة من القدس الشريف، وكان قسمٌ كبير من هذه الأتربة قد استُجلِب من الكنائس البيزنطية التي هدمها الفرس، وعليه فإنّ معظم الأتربة وما تحويه من بقايا وموجودات في المسجد الأقصى وباحات المسجد الأقصى المبارك هي أتربة طارئة استجلبها المسلمون من خارج هضبة المسجد الأقصى المبارك ولا علاقة لها بأصل المكان.

 

وعليه إذا كانت كلّ هذه الحقائق الدامغة تدلّ على زيْف وبطلان ما يدّعيه اليهود، فإنّ تمسّك المؤسسة "الاسرائيلية" بمثل هذه الخرافات التي ينفيها العلم الحديث تؤكّد على أنّ هناك مخطّطات خبيثة تريد المؤسسة "الإسرائيلية" من خلالها فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، فـ"إسرائيل" كدولة تملك القوة لفرض السيادة على المكان وهي تحاول منذ مدة فرض إجراءات توطّد من خلالها سيادتها على المكان، ولذلك هي بحاجةٍ إلى هذه الخرافات لكي تبرّر بها وجودها غير الشرعي في الأقصى المبارك.

 

وبناءً عليه فإنّ محاولة دائرة الآثار "الإسرائيلية" وكذلك لجنة مراقبة الدولة للتدخّل في شؤون المسجد الأقصى المبارك وأعمال الصيانة التي تقوم بها دائرة الأوقاف الإسلامية؛ إنما هي مقدّمة من قِبَل المؤسسة "الإسرائيلية" لفرض السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك وليس فقط تحجيم دور دائرة الأوقاف، الأمر الذي سيسمح لها في المستقبل القريب القيام بأعمال حفرٍ داخل باحات المسجد الأقصى المبارك بإشراف سلطة الآثار ولجنة مراقبة الدولة، بحجّة إنقاذ آثار وبقايا ما يسمّى بالهيكل من أيدي المسلمين، ومن ثمّ اقتطاع أجزاء معينة من باحات المسجد الأقصى يحظُر على المسلمين دخولها، وقد يكون أوّلها الزاوية الغربية الجنوبية القريبة من باب المغاربة لكي تضمن المؤسسة "الإسرائيلية" مساحة واسعة تكفي لاستيعاب آلاف المصلّين اليهود الذين ينوون تأدية طقوسهم وشعائرهم الدينية.

 

وهذا بدوره يدلّل على أمرٍ واحد وهو أنّ المؤسسة "الإسرائيلية" التي تحفر أسفل المسجد الأقصى المبارك تنوي الآن اقتسام المسجد الأقصى المبارك وباحات المسجد الأقصى المبارك مع المسلمين على غرار الحرم الإبراهيمي لفرض سياسة الأمر الواقع قبل أي تسوية مستقبلية.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

لقاء أنابوليس ومخططات تهويد القدس

التالي

صراع غريب الأطوار حول القدس

مقالات متعلّقة

ساري عرابي

فلسطين بين حريقين.. كيف يبني الفلسطينيون ذاكرتهم؟

الأربعاء 1 آذار 2023 - 10:33 ص

قبل ثماني سنوات، حرق مستوطنون منزلاً في قرية دوما، شمال شرق نابلس، أودت الحادثة بالعائلة؛ طفل رضيع ووالديه، ليبقى من بعدهم الطفل أحمد دوابشة. من غير الوارد أن يكون لدى الناس اتفاق عامّ على إدراك حقيقة… تتمة »

عدنان أبو عامر

اختلاف الأولويات بين واشنطن و"تل أبيب" حول التطبيع

الخميس 23 شباط 2023 - 10:52 م

في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال ضغوطًا لا تخطئها العين من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعودة إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين، ولو من الناحية الشكلية غير المجدية، فإن الواقع الإقليمي، من و… تتمة »