المسجد الأقصى المبارك والهيكل اليهودي المزعوم (1)



مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه منذ بدء الخليقة إلى يوم الدين، كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، والصلاة والسلام على نبي الهدى والسلام محمد رسول الله إمام المتقين، المبعوث رحمة للعالمين. ربّ أوزعني أنْ أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأنْ أعمل عملاً صالحاً ترضاه، وأدخلني في عبادك الصالحين. ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، أما بعد،
أولاً: أهمية فلسطين
تتمتع فلسطين بأهمية متعددة الأشكال في مختلف المجالات على النحو التالي:
1- الأهمية الدينية: تشكّل فلسطين مهد الأديان السماوية الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام. فتعتبرها هذه الأديان الأرض المقدسة أو المباركة، وبالتالي تجذب الاهتمام الروحي العالمي من أتباع الديانات الثلاث. فقد احتضنت هذه البلاد في قلبها عدد من الأنبياء، مثل: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط، ويعقوب ويوسف وداود وسليمان، وعيسى ومحمد (في معجزة الإسراء والمعراج) عليهم السلام جميعاً وغيرهم. وتضمّ فلسطين مقابر الأنبياء: قبر إبراهيم عليه السلام في الخليل وزوجته سارة، وقبر شعيب عليه السلام في حطين، وقبر يونس عليه السلام في حلحول، وقبريْ زكريا ويحيى في سبسطية قرب نابلس، وقبر راحيل أم يوسف عليه السلام في بيت لحم. وفي فلسطين الكنائس النصرانية الثلاث: البشارة في الناصرة والمهد في بيت لحم، والقيامة بالقدس التي يحجّ إليها النصارى من جميع أنحاء العالم. كما أنّها تشكّل أهمية كبرى للمسلمين، فبيت المقدس أولى القبلتين وفيها المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين وارتبطت بها معجزة الإسراء والمعراج بالرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات العلى وفرض الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية فهي بوابة الأرض إلى السماء. كما أنّ اليهود يتطلّعون لها في العالم كونها احتضنت مملكتيْ داود وسليمان ورفاتهما عليهما السلام.
2- الأهمية التاريخية: لفلسطين أهمية تاريخية مميزة حيث اهتمّ بالسيطرة عليها مختلف الشعوب والأمم عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر، بدءاً من الشعوب المهاجرة إليها سلماً وانتهاءً بالدول العظمى التي احتلتها عنوةً عبر العصور والأزمان منذ بداية التاريخ، من العرب الكنعانيين والفلسطينيين والعبرانيين والبابليين والكلدانيين والآشوريين والرومان والفرس والمسلمين والمصريين والبريطانيين والصهاينة مع بقاء أهلها الأصليين في جميع الحقب الزمنية المذكورة. وفي فلسطين أقدم المدن العالمية كأريحا ويبوس (بيت المقدس).
3- الأهمية الجغرافية الاستراتيجية: تتمتع فلسطين بموقع استراتيجي هام بين مختلف قارات العالم القديم والحديث. ففلسطين هي قلب الوطن العربي، والوطن العربي يشكّل قلب العالم. وبهذا فإنّ فلسطين ملتقى القارات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
4- الأهمية الاقتصادية: كون فلسطين تشكّل ملتقى قارات العالم، فإنها تتمتع بمكانة اقتصادية تجارية، فهي محور التجارة البرية بين البحر الأبيض المتوسط غرباً والخليج العربي شرقاً. كما أنها سوقٌ استهلاكيّة للسلع الأجنبية عبر التجارة البرية الأوروبية والأمريكية لتصل إلى الهند والمناطق المجاورة لها خاصة في العصور القديمة والحديثة. والبحر الميت بفلسطين غنيّ بالبوتاس والأملاح الأخرى والنفط بعد اكتشافه حديثاً، وساحل غزة غني بالغاز الطبيعي.
5- الأهمية المناخية: فلسطين منطقة معتدلة المناخ صيفاً وشتاءً يتراوح متوسط درجات الحرارة فيها ما بين 5-30 درجة مئوية في تعاقب فصول السنة الأربعة.
6- الأهمية العسكرية: تتمتع فلسطين بموقعٍ عسكري هام في العالم، فموقعها الجغرافي يتيح لها توسّط منطقة كبيرة وهامة. وكل دولةٍ تسيطر عليها أو تحتفظ بقواعد عسكرية أو بوجودٍ عسكري فيها تتمتع بنفوذ قوي في المنطقة والعالم، وهذا ما ثبت عبر التاريخ البشري القديم والحديث والمعاصر.