الأسير المقدسيّ جمعة إسماعيل محمد موسى



سقط القناع...
في سكون الليل, وسط ذلك الأثير المحمّل بعذابات الأسر والقيد, في ذلك الزمن الذي يُقيد الأسير لبضعة عقود من الزمن في غُرَفٍ لا تتعدّى متراً ونصف المتر.
وسط مطالبات جمعيات حقوقية وإنسانية بالإهتمام بالوضع الصحي للأسرى الفلسطينيين أقامت قوات الاحتلال مشفى سجن الرملة, الواقع بين مدينتي اللد والرملة.
لكن سرعان ما سقط القناع عن الوجه الذي حاول الاحتلال أنْ يظهره للعالم, فهذا المشفى لا يستقبل المرضى بهدف تقديم العلاج لهم, بل ليتسنّى لإدارة المشفى ابتزاز المريض وتعذيبه وتأهيل جسده ليكون عُرْضةً للأمراض الخطيرة والمعدية.
أسْر ومرض, وابتزاز
لم يشفعْ له كبر سنه, ولا كثرة الأمراض المصاب بها للخروج من مشفى سجن الرملة, فهو لا يزال يرقد في المشفى منذ 12 عاماً, ناهيك عن ثلاث سنوات قضاها في سجون أخرى.
جمعة, أو الختيار كما تحبّ أنْ تناديه زوجته, أم إسماعيل, والذي يبلغ من العمر 66 عاماً, مصابٌ بمرض الانسداد في شرايين القلب, ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم, وضيق التنفس, فلا يقدِر على التقاط أنفاسه من دون جهاز التنفّس, كما يعاني من مشاكل في المسالك البولية والأمعاء والقولون, ومرض جلدي يحرمه من النوم لأيام متتالية، وقد وجّهت نداء إنسانياً للإفراج عنه قبل أيام باعتبار أنّ وضعه الصحي خطير جداً.
كما وجّه الأسير جمعة إسماعيل رسالة إنسانية أثناء لقاء محامي مؤسسة القدس الدولية, مطالباً فيها بالإفراج عنه وعن باقي الأسرى المرضى. وقد تبيّن أيضاً أنّ طبيباً في المشفى قد أعطى جمعة حقنة تسبّبت في شلل بيده وساقه اليسرى.
أخطر من هذا كله, وفي رسالةٍ سُرّبت من داخل المشفى يقول جمعة إنّ فيروساً خطيراً ومميتاً قد انتشر وسط السجناء, لكنّ إدارة المشفى تتكتّم عن الأمر, وقامت بعزل المصابين بدل تقديم العلاج لهم, ولم تتحرّكْ حتى اليوم أيّ جهات حقوقية أو دولية للتحقق من الأمر وإنقاذ السجناء من الموت المحتّم إذا ما انتشر الفيروس بشكلٍ كامل.
نبذة عن حياة الأسير...
وُلد الأسير جمعة إسماعيل محمد موسى في 14/4/1942, واعتُقِل في 2/4/1993وهو متزوج ولديه ثمانية أولاد, ووجّهت له تهمة الانتماء لتنظيم القيادة العامة "أحمد جبريل" وقتْل مستوطنة يهودية, واعتُقِل من بيته وأُخضِع للتحقيق القاسي قرابة شهر كامل, وحُكِم عليه بالسجن مدى الحياة قد قضى منها 15 عاماً, كما أغلقت قوات الاحتلال منزله حتى يومنا هذا.
ويُعرَف الأسير إسماعيل باسم إسماعيل الخرز, وذلك لتميّزه بصنع أشكالٍ فنية من الخرز, وقد رسم زوجته أم إسماعيل بالخرز وسماها لوحة الخنساء.
صور ملوّنة بالعذاب
كثيرة هي تلك الصورالتي نقلها لنا الأسير جمعة, والتي نقلها من خرجوا من المشفى, صورٌ يخاف الإنسان حتى من مجرد فكرة تخيّل وجودها, فمن الأسير أنس شحادة الذي أُجريت له عملية الزائدة الدودية من دون مخدر, وقد توقّف قلبه أثناءها ثلاث مرات, ماهر دندن وجمال سراحين, وفادي أبو الرب, الذين استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي، إلى كلّ المعذبين في سجون القدس وما يسمى مشافي للعلاج... من بين عذابات هؤلاء ترسم الصورة القذرة للاحتلال.
في مشفى الرملة, كما تقول شهادات من خرجوا هناك, ترى العُجاب, مرضى مصابون بفشل كلوي والسرطان, ومرضى لا تزال الرصاصات في أجسادهم, منهم من استُئصِلت أمعاؤهم واستبدلت بأمعاء بلاستيكية, هذا بالإضافة إلى تعامل الأطباء مع المرضى بقسوة وعنف, ومرافقتهم المرضى أثناء التحقيق, حيث يعملون على إبقاء المريض مستيقظاً أثناء التعذيب كي يعترف, ويقومون بابتزاز المرضى مقابل حبة دواء تسكن لهم آلالامهم.
عناق فموت...
يقول الأسير جمعة "أخاف أنْ أموت في الأسْر, مثل الشهيد محمد حسن هدوان, أنْ يضعوني في كيسٍ ويرموني من دون أنْ أرى أولادي, أريد أنْ أموت بين أولادي حتى لو قبل موتي بأسبوع, أتمنى أنْ يطلق سراحي, وأعانق زوجتي وأولادي ثم أموت".