هيكل سليمان المزعوم وإشكالية المكان
![]() ![]() ![]() ![]() |
لقد شهد التاريخ الحديث لمدينة القدس العديد من النظريات المقترحة من قبل العلماء اليهود وغيرهم من علماء الآثار، والتي حاولت تحديد المكان الذي أقيم عليه الهيكل الأول (هيكل سليمان)، أو الهيكل الثاني (هيكل هيرود)، في داخل المدينة أو محيطها، فهناك على الأقل أربع نظريات مختلفة تفترض مكان الهيكل المزعوم في مواضع مختلفة داخل السور المستطيل للمسجد الأقصى المبارك، ونظريات أخرى تفترض بناءه خارج أسوار مدينة القدس القديمة. وعلى الرغم من ذلك فإن علماء الآثار اليهود يصرون على واحدة فقط من هذه النظريات وهي: أن مصلى قبة الصخرة المشرفة قد بُني على أنقاض الهيكل المزعوم، وأن حائط البراق (يطلق عليه اليهود حائط المبكى)، الذي يقع في السور الغربي للمسجد الأقصى، هو ما تبقي من هذا الهيكل.
الغريب في الأمر أن النظريات التي تفترض مكان الهيكل المزعوم داخل أسوار المسجد الأقصى حظيت باهتمام كبير، وكانت موضع الدراسة والتنقيب والبحث من جهة العديد من علماء الآثار من شتى الجنسيات في عقود مختلفة دون غيرها من النظريات الأخرى، التي تفترض وجود الهيكل المزعوم خارج أسوار مدينة القدس، ولقد زادت وتيرة البحث والتنقيب أسفل المسجد الأقصى المبارك بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس في سنة 1967، لدرجة أن المسجد الأقصى أصبح مهددًا بشكل غير مسبوق بالانهيار والاندثار، من دون العثور على أي دليل على وجود آثار الهيكل المزعوم في ذلك المكان.
هذه المادة هي خلاصة العديد من الجهود التي بذلت في السابق من أجل إثبات أن الهيكل الأول أو الثاني، حتى وإن كانا قد وجدا يومًا ما، فلا يمكن أن يكونا قد وجدا في المكان الذي يقوم عليه المسجد الأقصى المبارك، ولا حتى محيطه، إضافة إلى ذلك سيتم تفنيد المزاعم والروايات اليهودية فيما يخص حقيقة الهيكل المزعوم من خلال تحديد أماكن الخلل والتعارض في النصوص التوراتية، مثبتًا بالشواهد التاريخية، وشهود العيان، ونتائج التنقيب، وكل ما هو مستطاع من مستندات تاريخية وصور وخرائط.
وعليه فإن محور المادة ينقسم قسمين أساسيين: تاريخي وجغرافي، أما الجزئية المتعلقة بالتاريخ فيتم التركيز من خلالها على حقيقة الهيكل من الناحية التاريخية، وكذلك التركيز على النصوص التاريخية، وشهود العيان، ونصوص الكتب المقدسة، وكل ما تمّ ذكره خلال حقبة إنشاء الهيكل المزعوم حتى يومنا هذا مع تحليل وافٍ لما هو مهم منها، بهدف الوصول إلى حقيقة وجود الهيكل من عدمه. ثم تتعرض المادة بشكل مفصل إلى المواقع الجغرافية التي تمّ الحديث عنها من خلال التاريخ، والتي حاول فيها العديد من الباحثين والعلماء والكتاب تحديد مكان الهيكل المزعوم، مع تفنيد العديد منها بالوثائق والصور والمكتشفات الأثرية من آثار التنقيب، وهذا الأمر يتطلب التعريج على بعض النظريات الهندسية من الماضي والحاضر، من أجل إثبات حقيقة أن الهيكل المزعوم لم يكن يومًا قائمًا في مكان المسجد الأقصى.