توأمة مباشرة بين مؤسسات القدس ودول عربية هـــــو الحــــل..
"يتوجّب إعادة النظر بشأن كافة المؤسسات المغلقة بدراسة كلّ مؤسسة فيها لإعادة فتح ما يمكن منها، ودعا للعمل على حماية وتعزيز الوجود العربي الفلسطيني في القدس والحفاظ على الذات والبقاء والصمود فيها وحماية وأحياء التراث الفكري والثقافي والحضاري والحفاظ على الهوية الوطنية، وإعادة فتح المؤسسات التي تمّ إغلاقها أو إبعادها عن المدينة وحماية الممتلكات العربية والإسلامية والمسيحية". هذا ما جاء في ميثاق وعهد القدس الذي تُلي في نهاية المؤتمر الوطني الشعبي من أجل القدس..
كلام ولا أجمل.. فهذا ما يريده المقدسيّون.. إعادة فتح مؤسساتهم المغلقة وتفعيلها لتقوم بواجبها تجاه المدينة المقدسة وسكانها.. وهذا واردٌ وممكن بالنسبة للمؤسسات التي أغلقت نفسها بنفسها بسبب ضيق ما باليد والضغوطات الكبيرة التي أجبرتها إمّا على الإغلاق أو الرحيل إلى الضفة الغربية..
لكن هل سيستطيع المؤتمرون أو اللجان التي انبثقت عن المؤتمر إعادة فتح المؤسسات التي أغلقتها سلطات الاحتلال.. وقد كان الردّ فورياً من قِبَل "إسرائيل" على هذا الموضوع حيث اتّخذت قراراً بتمديد إغلاق تلك المؤسسات ومن ضمنها مؤسسة بيت الشرق إلى ستة أشهر أخرى، رغم وعودها ووعود أمريكا على لسان وزيرة خارجيّتها رايس بإعادة فتحها بالتدريج!! إذن فالذي حدث هنا هو تطبيق للمثل القائل: "جينا نكحّلها عميناها"...
هذا بخصوص المؤسسات التي أغلقتها سلطات الاحتلال، أمّا بالنسبة للمؤسسات التي أغلقت نفسها فهذا أمرٌ آخر وهو بيد السلطة الفلسطينية ولجان القدس.. فهي تستطيع إعادة فتحها وبكلّ سهولة لو وفّرت لها الإمكانيات التي تستطيع من خلالها إعادة تفعيل نفسها وترسيخ وجودها في القدس المحتلة.. ولكن ها قد مرّ أكثر من شهرٍ على قرارات المؤتمر وعهده وميثاقه ولم نلمسْ أيّ تغييرٍ على أرض الواقع ولا أية بوادر لإعادة إحياء هذه المؤسسات المغلقة أو مساعدة المؤسسات الموجودة والتي هي في مرحلة النزاع الأخير للوقوف على أرجلها مرة أخرى والمضيّ قُدُماً في خدماتها.. آه عفواً فتلك المؤسسات بحاجةٍ إلى إعادة دراسة لمعرفة من منها المؤسسات الفاعلة ومن منها الصورية والوهمية.. فإذا كان التأكّد من فعالية ومصداقية هذه المؤسسات قد استغرق سنوات بعد قرار توقيف الميزانيات والمساعدات لها من قِبَل وزارة المالية والمجلس التشريعي و.. فكم ستحتاج لجان القدس من الوقت لدراسة هذه المؤسسات رغم أنّ الأمر لا يحتاج إلا إلى 24 ساعة فقط ولنَقُلْ أسبوعاً أو أسبوعين، شهراً أو شهرين لنعطي المجال لدراسةٍ دقيقة لكلّ مؤسسة..
يا إخوتنا إنّ المؤسسات الفاعلة ظاهرةٌ للعيان ونرى أعمالها على أرض الواقع، فهي حتى ليست بحاجةٍ الى دراسة، فالشمس لا تُغطّى بغربال، ومثل هذه المؤسسات يجب إعادة تفعيلها أو مساعدة الموجود منها فوراً وعدم الانتظار لحين الانتهاء من التدقيق في المؤسسات التي هي في موضع الشكّ.. هذا إذا كانت هناك نيةٌ فعلية لدعم صمود مؤسسات القدس لتفعيلها وتثبيتها كما قالوا في المؤتمر.. ولكن إذا تمّ الأمرُ كما سبق وحصل مع وزارة المالية فإنّ الوقت سيضيع هباءً، وبالتالي فإنّ المؤسسات الموجودة ستُغلق أبوابها وبهذا سنطبّق المثل القائل "تيتي تيتي.. مثل ما رُحتي مثل ما جيتي".. فكيف بالتالي سيحمون ويعزّزون الوجود العربي الفلسطيني في القدس ويحافظون على الذات والبقاء والصمود فيها ويحمون التراث الفكري والثقافي والحضاري ويحافظون على الهوية الوطنية كما قالوا في المؤتمر؟! فإذا كان على سبيل المثال موضوع المساعدة في ضريبة البلدية (الأرنونا) لبعض المؤسسات وهو أمرٌ لا يحتاج إلى وقتٍ وجهدٍ للتأكّد منه إذْ أنّ الأوراق والفواتير والوصولات قد قُدِّمت منذ شهور ولم يُدْفعْ ولو حتّى جزءٌ للمساعدة في التغلّب على بعض الضغوطات فما بالك بدعم تلك المؤسسات..
قلت في عددٍ سابق إنّ ميزانيات القدس يجب أنْ تكون للقدس ولا تذهب إلى أيّ جهةٍ أخرى فهذا حق من حقوق أهل القدس ومؤسساتها فلماذا حجبت هذه الميزانيات حتى الآن عن القدس ولم نرَ أيّ شيءٍ منها وذلك منذ حوالي 4 سنوات، رغم أنّه دعمٌ يأتي من الخارج خصيصاً للقدس!!..
وهنا أعرض حلاً لقضية مؤسسات القدس، فلماذا لا تتمّ توأمة مباشرة بين مؤسسات القدس ودول عربية، أيْ بمعنى أنْ تقوم كلّ دولة بتبنّي بضع مؤسساتٍ بعيداً عن بيروقراطية السلطة، وبذلك نضمن وصول المساعدات الى مؤسسات القدس ولا تظلّ "كالشحّاذ" الذي يقف على باب وزارة المالية ينتظر الفرج الآتي من فلان أو علان.. فما رأيكم يا سادة ويا زعماء دولنا العربية الذين يريدون فعلاً دعم صمود القدس ومؤسساتها فلا يظلّ الأمرُ شعاراتٍ بل يطبّق ولو القليل على أرض الواقع، وبذلك تريح السلطة نفسها على الأقلّ من همّ مؤسسات القدس..
* كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية.