النائب المقدسي عطون: أسرى فلسطين أقدم الأسرى على وجه الأرض ومن العار استمرار معاناتهم
النائب المقدسي أحمد عطون، من قرية صور باهر جنوب القدس المحتلة، لا يزال يعتصم لليوم 292 على التوالي في الخيمة التي تم نصبها بمقر البعثة الدولية للصليب الأحمر بحي الشيخ جراح وسط القدس احتجاجا على قرارات الاحتلال الصهيوني القاضية بإبعاده وإخوانه: النائب محمد طوطح ووزير القدس الأسبق خالد أبو عرفة عن القدس.
والنائب عطون استقبل يوم الأسير الفلسطيني بكثير من الذكريات المؤلمة وهو الذي قضى بسجون الاحتلال أكثر من 12 عاما على مدار الـ 25 عاما الماضية، فيما يقضي شقيقه محمود حكما بالسجن المؤبد أربع مرات و40 عاما، وينتظر شقيقه الثالث جهاد والمعتقل منذ عدة شهور النطق بالحكم عليه من قبل سلطات الاحتلال.
ولا ينسى أن يذكر النائب عطون اعتقال والده لمدة عام كامل بتهمة مراسلة الأسرى و "تربية أبنائه على "الإرهاب"
كما لا ينسى أن يلفت الانتباه إلى أن العديد من أبناء عمومته يقبعون في سجون الاحتلال منذ سنوات متفاوتة بتهمة مقاومة الاحتلال.
واعترف عطون بان معاناة الأهل هذه الأيام هي اكبر خاصة معاناة والديه بسبب تقدمهما بالسن وتعرضهما للعديد من الأمراض وتنقلهما بين سجون أبنائهم وخيمة الاعتصام والبيت.
وقال: لم تجتمع العائلة مكتملة على مائدة واحدة منذ 25 عاما ولم تعرف الاستقرار وهي تنتظر الفرج.
وفتح النائب عطون قلبه، بهذه المناسبة لمراسل "مدينة القدس" وتناول العديد من القضايا الفلسطينية الخاصة بأسرى القدس بخاصة والأسرى على وجه العموم بكثير من الصراحة والجرأة.
وعن يوم الأسير، قال: هي ذكرى أليمة على كل الفلسطينيين، وهي أليمة حينما نتذكر أبناءنا وأشقاءنا وأحبابنا الذين أمضينا سنوات طوال من أعمارنا معهم في سجون الاحتلال.
وأضاف: "خلال سنوات اعتقالي وجدت الأسرى داخل المعتقلات الصهيونية بأنهم خيرة أبناء شعبنا، وهم أعزّهم وأكرمهم وأفضل الناس الذين ما زالوا جرحا نابضا يوميا في القضية الفلسطينية لا لشيء وإنما لكونهم أرادوا أن يحرروا أرضهم وشعبهم ويعيشوا أحرارا كسائر شعوب العالم، وأرادوا أن يقولوا للعام أننا أصحاب قضية عادلة".
وتابع: "في مثل هذه الذكرى نستذكر هؤلاء الأبطال ونستصغر معاناتنا في خيمة الاعتصام وشبح الإبعاد والترحيل يطاردنا، وصحيح أن عشرة شهور في الاعتصام أصعب من الاعتقال، وأنا خضت الاعتقال والاعتصام وأقول أنني أشعر بالخجل عندما أرى معاناة الجرحى والمعاقين والأسرى ومن هُدّمت بيوتهم وصودرت أراضيهم؛ فهذه الملفات الكبيرة نعاني ويعاني منها شعبنا الفلسطيني وعلى رأسهم وتاجهم أولئك الأسرى الذين ضحوا بحريتهم من أجل حرية وكرامة شعبهم".
وانتقد عطون إهمال المسؤولين-على اختلافهم- بقضية الأسرى، وقال " الأوْلى أن توضع قضية الأسرى على راس أولويات قضايا الشعب الفلسطيني.. والكل أخطأ وارتكب خطيئة بحق الأسرى عندما تركت قضية الأسرى لبوادر حسن نوايا الاحتلال, وكان الأوْلى على القيادة الفلسطينية، ومن العار عليها بنفس الوقت، مهما كانت ومن كان، أن تتحدث عن أي قضية ولا تكون قضية الأسرى على سلم أولويات وأجندة أي سياسي فلسطيني مهما كان وفي أي موقع يحتله".
وتساءل قائلا: "ألا يستحق أسرى القدس أو الداخل أو الجولان أو أسرى المتضامنين العرب من أجل قضيتنا وقدموا زهرة شبابهم لنصرة قضيتنا من قيادة الشعب الفلسطيني على اختلافها أن تبذل كل ما تستطيع من وسع وأن يكونوا على سلم أولوياتها".
كل القيادات الفلسطينية أخطأت وارتكبت خطيئة بحق الأسرى
وتوجه النائب عطون لآسري الجندي الصهيوني شاليط قائلاً: نحن نطالبكم بصفتنا ممثلين للأسرى وللشعب بألا تتم صفقة التبادل بدون أسرى القدس والداخل، ونتطلع أن تسطر المقاومة صفحة من نور بحق الأسرى.. ولا يجوز أن يقف هؤلاء الجنود الذين ضحوا بأغلى ما يملكون على هوامش العمل السياسي، وبالأصل أن تبقى قضيتهم حاضرة في الوجدان وفي الذاكرة والثقافة وفي التعليم للأجيال القادمة.
ووجه عطون رسالة إلى قادة الشعب الفلسطيني وقال: "إذا لم تكن معاناة أسرانا وجراحاتهم وشهداءنا ودماءهم توحدنا فما الذي سيوحدنا؟!".
وأضاف: "الأوْلى لنا كفلسطينيين إنهاء حالة الانقسام وهي دعوة للوحدة الوطنية باسم القدس وباسم الأسرى، فإذا لم تكن القدس وقضية اللاجئين ومعاناة أسرانا ومن تُهدم بيوتهم توحدنا فماذا ننتظر؟".
وتابع: "هذه القضايا نعيشها يوميا وعلينا السؤال: ما الذي يوحدنا ولا يشتتنا، يجمعنا ولا يفرقنا، في الوقت الذي لا يجوز فيه أن ننسى للحظة أننا مشروع تحرري ولا زلنا نسعى للتحرر من هذا الظلم الذي يقع علينا من الاحتلال الصهيوني، فعدونا واحد هو الاحتلال ويجب أن لا تتوه بوصلتنا عن الاحتلال وعلينا مواجهة الاحتلال موحدين وهذه رسالتنا في يوم الأسير وهي رسالة الأسرى أنفسهم".
وقال بمرارة: "تم الإجحاف والظلم بقضايا الأسرى بشكل عام من كل القيادات الفلسطينية ومن كل مسؤولي التنظيمات الفلسطينية خلال السنوات الماضية".
وقال: "إن هؤلاء الجنود قاتلوا من أجل حرية بلدهم وشعبهم ولا يجوز لقيادتهم أن تتركهم في الصفوف الخلفية وتتقدم".
وفي انتقاد قال النائب عطون: "أجرم الجانب الفلسطيني حينما فاوض وترك قضية الأسرى خلفه، وأجرمت كل القيادات الفلسطينية عندما تخلت نوعا ما عن جعل هذه قضية الأسرى أولوية فلسطينية وعلى سلم أولويات الفلسطينيين".
ولفت إلى وجود نوع من الحراك العربي والدولي لنصرة قضية الأسرى بدأ يتبلور مؤخراً. وأكد "أن الأصل أن يكون هذا التحرك منذ سنوات طويلة جدا، ومن غير المقبول أو المعقول أن ينتظر مثلاً الأسير نائل البرغوثي 34 عاما حتى تصبح قضية الأسرى دولية، بينما الجندي الصهيوني شاليط أقامت حكومته الدنيا ولم تقعدها وبات اسمه على كل لسان.
وأضاف أن أسرانا امضوا سنوات طويلة من أعمارهم في السجون، وهم أقدم السجناء على وجه الأرض، وان التاريخ لم يشهد أقدم أسير مثل ما هو عليه حال الأسرى الفلسطينيين.
وحدد عطون ما يشبه خريطة طريق لحل قضية الأسرى، وطالب بتدويل القضية، وتوفير طواقم من القانونيين لرفع دعاوى قضائية لملاحقة ومحاكمة الاحتلال وقيادته على جرائمه يحق الأسرى، كما طالب بأن تبقى قضية الأسرى فلسطينيا حاضرة على الصعيد الإعلامي والثقافي وعلى صعيد التربية والتعليم، ودعا إلى تضمين منهاج التدريس حصصا خاصة عن الحركة الأسيرة، بالإضافة إلى وجوب توفر دور للنخب العربية والإسلامية، مؤكداً أن على الأمة دور مهم جدا، وهو ما ظهر جليا جنبا إلى جنب دور الشباب في العالم العربي حيث استطاع تغيير أنظمة، وإذا ما توفر الحراك بتضافر هذه الجهود جميعها فإنه يمكن حينها تغيير وإنهاء ملف الأسرى.
وقال: "عار على الأمة العربية والإسلامية أن يُترك الأسرى والفلسطينيون وفي مقدمتهم المقدسيون يواجهوا هذه الترسانة الهائلة وهم عُزل وهم يتفرجون عليهم".
وأضاف: "نحن أصحاب مشروع تحرري وإن الله منّ علينا بأن جعلنا من أبناء هذا البلد لندافع عن أقدس مقدسات الأمة وهو المسجد الأقصى والقدس الشريف، وعلى العالم العربي والإسلامي تعزيز صمودنا في القدس".
نقف إلى جانب خيار الشعوب العربية الثائرة على أنظمتها المُستبدة
وعن الثورات الشعبية والشبابية التي تطغى على المشهد في العالم العربي وما إذا كان لها انعكاسات ايجابية على القضية الفلسطينية، قال عطون: "نحن متأكدون من أن هذه الثورات ستنعكس إيجابا على القضية الفلسطينية، وما حصل في السابق كان يدفع الفلسطينيون لكي يتنازلوا ويجاروا الأحداث نتيجة الضغوطات العربية وضغوط الأنظمة التي كانت موجودة، وإن أي تغيير جديد بالتأكيد سيخدم قضيتنا".
وأوضح "أن مصر كانت دولة ريادية ولكن نتيجة ارتباطها مع الاحتلال أصبحت تقدم مصالح الاحتلال والغرب على مصالح الأمة العربية، وتاريخيا كانت مصر صاحبة المشروع التحرري القومي العربي، ونحن بالتأكيد نقف إلى جانب خيار الشعوب".