المؤسسات العاملة لفلسطين في مهداف الاحتلال

تاريخ الإضافة الأربعاء 17 تشرين الثاني 2021 - 8:50 م    عدد الزيارات 2372    التعليقات 0     القسم تدوينات

        


براءة درزي

باحثة في مؤسسة القدس الدولية

قبل ستة أعوام، في 2015/11/17، قرر الاحتلال حظر الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي، وجاء القرار الذي اتخذه وزير جيش الاحتلال حينذاك، في إطار تصاعد ملحوظ في استهداف الأقصى ورواده والمرابطين والمرابطات، وفي سياق عام ومتمادٍ من استهداف المؤسسات الفلسطينية أو الداعمة للفلسطينيين.

 

وقد تأسست في فلسطين عمومًا مؤسسات وجمعيات أهلية تنوعت اختصاصاتها ومجالات عملها، وكان تأسيس هذه المؤسسات في القدس محاولة لتشكيل بديل عن الدور الرسمي الفلسطيني الغائب عن المدينة المحتلة. وبالفعل، شكلت هذه المؤسسات شبه حكومة ظل في القدس، وبات المقدسيون يلجأون إليها في شؤونهم وبات من الصعب تصور المجتمع المقدسي من دون مؤسسات أهلية تدعم صموده بما تيسر.

 

وبالإضافة إلى المؤسسات الأهلية داخل القدس تأسست عشرات المؤسسات الداعمة للقدس وللمقدسيين والمدافعة عن الأقصى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، واستفاد فلسطينيو الداخل من وضعهم القانوني كحَمَلة هوية إسرائيلية ليبنوا جسورًا للتواصل والدعم مع القدس والأقصى كون هذا الوضع يجعل وصولهم إلى القدس والأقصى أسهل من غيرهم من الفلسطينيين. وشكلت الحركة الإسلامية على مدار عقود ماضية الجهة الرئيسة التي تبنت قضية الدفاع عن الأقصى في الداخل الفلسطينيّ، فانبثقت عنها عشرات المؤسسة والهيئات المختصة بنصرة القدس والمسجد الأقصى، واستطاعت الحركة الإسلامية خصوصًا، وباقي القوى الفلسطينية في الداخل الفلسطيني عمومًا تحريك الجماهير الفلسطينية نحو القدس والأقصى، وتُرجم ذلك على شكل مسيرات شدّ الرحال ومسيرات البيارق التي يشارك فيها فلسطينيو الداخل بهدف الرباط في الأقصى وإعماره ومن ثمّ التجوّل في أسواق القدس والتبضع منها والتسوق فيها بهدف دعم اقتصاد المقدسيين.

 

لم يكن قرار حظر الحركة الإسلامية-الجناح الشمالي الأول، وهو جاء ضمن مسلسل من استهداف مؤسسات أو جهات، وحتى أفراد، يضطلعون بدور ريادي ومتقدم في الدفاع عن القدس والأقصى والتصدي لمخططات الاحتلال التي تستهدف المسجد والمدينة وأهلها. كما أنّ هذا القرار الأخير يذكر بقرارات الإغلاق التي اتخذها الاحتلال بحق مؤسسات فلسطينية تعمل في القدس وذلك منذ استكمل احتلال المدينة عام 1967، وإن دلّ ذلك على شيء فهو يظهر مدى إصرار الاحتلال على كسر أي محاولة للتصدي لسياساته ومخططاته أو تشكيل حالة داعمة للوجود العربي والإسلامي الأصيل في القدس والأقصى.

 

وذكّر القرار بقرارات الإغلاق التي اتخذها الاحتلال بحقّ مؤسسات فلسطينية تعمل في القدس وذلك منذ استكمل احتلال المدينة عام 1967، ولعل من أهم المؤسسات التي طالتها قرارات الإغلاق بيت الشرق الذي كان له دور مهم في دعم المقدسيين عبر اضطلاعه بجملة من النشاطات الاجتماعية والقانونية، وقد أسّس 3 أقسام مهمة، وهي دائرة الخرائط والأراضي، والحقوق المدنية المتعلقة بإلغاء حق الإقامة (سحب الهويات)، وقسم ثالث لمتابعة قضايا هدم المنازل من قبل بلدية الاحتلال وترميم البلدة القديمة، بالإضافة إلى إغلاق جمعية الدراسات العربية، ونادي الأسير، والغرفة التجارية والصناعية العربية، ومركز أبحاث الأراضي، ومؤسسة القدس للتنمية، وغيرها.

 

وهذه القرارات تدلّ على مدى إصرار الاحتلال على كسر أي محاولة للتصدي لسياساته ومخططاته أو تشكيل حالة داعمة للوجود العربي والإسلامي الأصيل في القدس والأقصى، ومنع أي وجود لمؤسسات فلسطينية يمكن أن يلجأ إليها المقدسيون ليضطروا عوضًا عن ذلك إلى الاعتماد بشكل كامل على مؤسسات الاحتلال ما يجعلهم أسرى ادعاءات السيادة الإسرائيلية على كامل القدس المحتلة.

 

شكّل حظر الحركة الإسلامية الشمالية في الداخل المحتل نموذجًا لمحاولات الاحتلال تحجيم دور فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، ومنع تواصلهم الوطني والنضالي والجغرافي مع القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، وتقييد جهود الدفاع عن القدس والأقصى.

 

وتتزامن الذكرى السادسة لاتخاذ القرار مع استمرار تفاعل قرار الاحتلال، الذي اتخذه في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2021، بحظر ستّ مؤسسات أهلية فلسطينية في الضفة الغربية، ما يؤكّد مرة أخرى أن قرار عام 2015 نهج وسياسة يعتمدها الاحتلال للتضييق على العمل الأهلي والحقوقي الداعم للحق الفلسطيني، في القدس وخارجها لا سيّما إذا كان هذا العمل في إطار مؤسساتي منظّم، قادر على الوصول والتأثير إن لجهة دعم الفلسطينيين أو كشف جرائم الاحتلال وتوثيقها.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

لماذا يصرّ الاحتلال على استهداف حيّ الشيخ جراح؟

التالي

الأقصى وردود الفعل العربية والإسلامية (3)

مقالات متعلّقة

ساري عرابي

فلسطين بين حريقين.. كيف يبني الفلسطينيون ذاكرتهم؟

الأربعاء 1 آذار 2023 - 10:33 ص

قبل ثماني سنوات، حرق مستوطنون منزلاً في قرية دوما، شمال شرق نابلس، أودت الحادثة بالعائلة؛ طفل رضيع ووالديه، ليبقى من بعدهم الطفل أحمد دوابشة. من غير الوارد أن يكون لدى الناس اتفاق عامّ على إدراك حقيقة… تتمة »

عدنان أبو عامر

اختلاف الأولويات بين واشنطن و"تل أبيب" حول التطبيع

الخميس 23 شباط 2023 - 10:52 م

في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال ضغوطًا لا تخطئها العين من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعودة إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين، ولو من الناحية الشكلية غير المجدية، فإن الواقع الإقليمي، من و… تتمة »