الفلسطينيات في اليوم العالمي للمرأة.. حقوق في قبضة الاحتلال
![]() ![]() ![]() |
براءة درزي - موقع مدينة القدس l يستهدف الاحتلال النساء الفلسطينيات بالاعتقال والتنكيل والحرمان من الحقوق حيث يشكّل هذا الاستهداف سياسة ثابتة يعتمدها الاحتلال إمعانًا في ضرب أحد أهمّ أركان المجتمع الفلسطيني، لإضعافه وإخضاعه. وفي الوقت الذي يحتفل العالم فيه باليوم العالمي للمرأة ويطالب بتمكينها، يبدو أنّ معنى اليوم لا يشمل المرأة الفلسطينية في ظلّ استمرار الاحتلال واعتداءاته المتمادية على الفلسطينيات، وما يقابل ذلك من مواقف تدور في إطار الوصف والاستنكار والإدانة من دون تحرّك جاد لإنهاء الاحتلال.
ويعتقل الاحتلال في سجونه 29 أسيرة يحرمهّن من أبسط حقوقهنّ المكفولة في المعاهدات والاتفاقات الدولية، فيما اعتقل أكثر من 17 ألف فلسطينية منذ عام 1967.
نادي الأسير: 29 أسيرة في سجون الاحتلال
يواصل الاحتلال اعتقال 29 أسيرة فلسطينية في سجونه، وفق تقرير لنادي الأسير الفلسطينيّ، وأقدم الأسيرات هي الأسيرة ميسون موسى من بيت لحم، المعتقلة منذ عام 2015، ومن بينهن طفلتان إحداهما تجاوزت سنّ الطفولة قبل عدة أيام هما نفوذ حمّاد من القدس، وزمزم القواسمة من الخليل التي بلغت عامها الـ18 قبل أيام.
تواجه الأسيرات في سجون الاحـــ.ـتلال سياسة ممنهجة من الاعتداء والتنكيل، حيث يحرمهنّ الاحتـلال من أبسط حقوقهنّ، وهو يعتقل اليوم 29 أسيرة فيما اعتقل أكثر من 17 ألف أسيرة منذ عام 1967 #اليوم_العالمي_للمرأة #WomensDay #WomenEmpowerment #WomensDay2023 pic.twitter.com/aQRw2vbI7H
— مؤسسة القدس الدولية (@Qii_Media) March 8, 2023
ويشير الباحث في شؤون الأسرى الفلسطينيين رياض الأشقر إلى أنّه لا يكاد يمر شهر إلا وتتعرض ما بين 10 إلى 15 امرأة وفتاة فلسطينية للاعتقال لساعات أو لأيام، بذرائع مختلفة، وغالبية تلك الاعتقالات تحدث في مدينة القدس المحتلة، وفي ساحات المسجد الأقصى، حيث يستخدم الاحتلال سياسة التنكيل بحقّ النساء المقدسيات بهدف ردعهن عن الدفاع عن المسجد الأقصى والرباط فيه.
ووفق نادي الأسير، فقد صعّد الاحتلال، العام المنصرم وبداية العام الجاريّ، من جرائمه وانتهاكاته بحقّ النساء الفلسطينيّات، مع تصاعد عدوانه الشامل على الفلسطينيين، واتخذت جرائمه وانتهاكاته عدة مستويات بحقّهنّ؛ ولم يقتصر الأمر على سياسة الاعتقال، حيث استخدمت بشكل أساسي جريمة العقاب الجماعيّ بحقّ أمهات الشهداء والأسرى وزوجاتهم، وشكّل العام المنصرم، الذي عدّ أكثر الأعوام دموية منذ سنوات، محطة قاسية، وصعبة على المرأة الفلسطينيّة.
الأسيرات في مواجهة سياسة التنكيل والتعذيب
تواجه الأسيرات في سجون الاحتلال سياسة ممنهجة من التعذيب والتنكيل يعتمدها الاحتلال بحقّ الأسرى عمومًا، لكسر إرادتهم، ولا يستثني منها الأسيرات، بل يمعن في ممارستها بحقّهن من دون أيّ اعتبار لخصوصيّة وضعهنّ. وتغطّي أساليب التعذيب والتنكيل التي يمارسها الاحتلال عمليات اعتقال الفلسطينيات من المنازل، والنقل إلى مراكز التّوقيف، والتّحقيق، واحتجازهنّ لاحقًا في السّجون بما فيها من أدوات تعذيب مستحدثة.
ووفق نادي الأسير، تشمل أساليب التّعذيب والتّنكيل التي مارستها أجهزة الاحتلال بحق الأسيرات إطلاق الرصاص عليهن أثناء عمليات الاعتقال، وتفتيشهن تفتيشًا عاريًا، واحتجازهن داخل زنازين لا تصلح للعيش، وإخضاعهن للتّحقيق لمدد طويلة مع ما يرافق ذلك من أساليب التّعذيب الجسديّ والنفسيّ، عبر الشبح بوضعياته المختلفة، والتقييد طوال فترة التّحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والتّحقيق المتواصل، والعزل والابتزاز والتّهديد، ومنع المحامين من زيارتهنّ خلال فترة التّحقيق، وإخضاعهنّ لجهاز كشف الكذب، والضرب المبرح كالصفع المتواصل، عدا عن أوامر منع النشر التي أصدرتها محاكم الاحتلال، علاوة على إخضاع عائلاتهنّ للتنكيل والاعتقال والاستدعاء كجزء من سياسة العقاب الجماعي، واعتقالهنّ للضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه.
وبعد نقلهنّ إلى السّجون المركزية، تُنفذ إدارة سجون الاحتلال بحقهنّ سلسلة من السياسات، والإجراءات التنكيلية؛ ويشكّل ما يسمى (معبار) سجن (هشارون) محطة للتنكيل وتعذيب الأسيرة بعد انتهاء التّحقيق، حيث تحتجزهنّ سلطات الاحتلال في زنازين لا تصلح للعيش الآدميّ بهدف الضغط عليهنّ، وتواصل تنفيذ هذه السّياسات الثّابتة بعد نقلهنّ إلى سجن (الدامون) عبر جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، والحرمان من الزيارة، وحرمان الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن احتضان أبنائهنّ، إضافة إلى تصاعد عمليات القمع والاقتحام، وفرض العقوبات الجماعية بحقهنّ، عدا عن سياسة العزل الانفرادي بمستوياتها المختلفة.
ووفق نادي الأسير، تواجه الأسيرات ظروفًا حياتية صعبة في سجن "الدامون"، منها: وجود كاميرات في ساحة الفورة، وارتفاع نسبة الرطوبة في الغرف خلال فترة الشتاء، كما تضطر الأسيرات لاستخدام الأغطية لإغلاق الحمامات، وتتعمد إدارة السّجن قطع التيار الكهربائي المتكرر عليهنّ، عدا عن "البوسطة" التي تُشكّل رحلة عذاب إضافية لهن.
جريمة الإهمال الطبي
تنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمّد بحق الأسيرات، وتماطل في تقديم العلاج اللازم لهن، وتحديدًا المُصابات.
ووفق نادي الأسير، فإنّ أصعب هذه الحالات حالة الأسيرة المقدسية إسراء جعابيص، التي تعاني تشوهات حادّة في جسدها، جرّاء تعرضها لحروق خطيرة، أصابت 60% من جسدها، جرّاء إطلاق جنود الاحتلال النار على مركبتها عام 2015، ما تسبب بانفجار أسطوانة غاز في مركبتها، وقد أصدر الاحتلال بحقّها حُكمًا بالسّجن 11 عامًا، وتحتاج الأسيرة جعابيص إلى سلسلة من العمليات الجراحية في اليدين والأذنين والوجه، حيث تُعاني على مدار الوقت آلامًا، وسخونة دائمة في جلدها، ما يجعلها غير قادرة على ارتداء الأقمشة والأغطية، وهي بحاجة ماسة إلى بدلة خاصة بعلاج الحروق ترفض إدارة السجون توفيرها، بل ولا تكترث لتوفير أدنى الشروط الصحية اللازمة لها، علمًا أنها فقدت 8 أصابع من يديها.
وفي عام 2022، استشهدت الأسيرة المسنّة سعدية فرج الله من الخليل، نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ، وكانت من أقسى المحطات التي واجهتها الأسيرات، وفعليًا نفّذت إدارة سجون الاحتلال، بحقّ الشهيدة سعدية فرج الله جريمة ممنهجة، عبر الاستمرار في اعتقالها، وكذلك المماطلة في متابعتها صحيًا وتقديم العلاج اللازم لها، وذلك وفقًا لشهادات الأسيرات، وكذلك محاميها.
المرأة الفلسطينية تدافع عن أرضها وهويتها في مواجهة أبشع احتلال
قال الأمين العام للجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس عبد الله كنعان، إن المرأة الفلسطينية "تتعرض للكراهية والوحشية وسياسة الأبرتهايد التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني".
وفي تصريحات له عشية يوم المرأة العالمي، قال كنعان إنّ "المرأة في أرجاء فلسطين، هي شهيدة وأسيرة وأرملة وأم شهيد، تدافع عن وجودها وهويتها وأرضها ومقدساتها أمام أبشع احتلال عُرف في العصر الحديث".
وأشار كنعان إلى حرمان الأسيرات الفلسطينيات في سجن "الدامون" من إجراء اتصالات هاتفية مع أسرهن، وتعطيل جهاز التلفاز، لعزلهن عن العالم الخارجي.
وأوضح أن "كل ذلك يأتي ضمن سياسة حكومة الاحتلال القائمة على منع نشر أي معلومات على شبكة الإنترنت بخصوص الأسيرات، بشكل خاص وواقع المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال بشكل عام، كما يتم إغلاق وقرصنة المواقع والصفحات المعنية بالمرأة الفلسطينية.
وأضاف أنه "وبسبب سياسات الاحتلال القمعية والقتل والتنكيل الذي يمارس بشكل مستمر ومتصاعد بحق الشعب الفلسطيني، تجد المرأة الفلسطينية نفسها أمام كم كبير من المسؤوليات التي ألقيت على عاتقها ويجب عليها تحملها، بعد استشهاد أو اعتقال زوجها أو ابنها أو أي معيل لها، الأمر الذي أفقد الكثير منهن حقهن في الحياة والتعليم والعيش بصورة عادية".
ودعا كنعان المنظمات الدولية و"العالم الحر للنهوض فورًا لنصرة المرأة الفلسطينية ورفع جحيم الاحتلال عنها".
البرلمان العربي: المرأة الفلسطينية نموذج فريد في مواجهة التحديات
وجه البرلمان العربي تحية إعزاز وتقدير "للمرأة العربية بصفة عامة، والفلسطينية بصفة خاصة رمز النضال والصمود والتي تعد نموذجًا فريدًا في مواجهة التحديات".
ودعا البرلمان العربي في بيان أصدره، في 2023/3/7، إلى ضرورة تعزيز التكاتف والتعاون بين دول العالم من أجل النهوض بأوضاع المرأة وحمايتها، خاصة في ظل الصراعات المسلحة التي تشهدها بعض بلدان المنطقة العربية، وأيضا ما تعانيه المرأة الفلسطينية من أوضاع مريرة نتيجة الاحتلال الإسرائيلي".
وشدد على ضرورة العمل من أجل إعطاء المرأة "كامل حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية كون المرأة هي نصف المجتمع، وهي المعنية بتربية الأجيال وتنشئتهم التنشئة الصحيحة".