موقع مدينة القدس l في 2023/2/26، شنّ مئات المستوطنين هجومًا هو الأكبر من نوعه على بلدة حوارة جنوبي نابلس شمالي الضفة المحتلة، أسفر عن استشهاد فلسطيني وإصابة 400 آخرين، وحرق وتحطيم عشرات المركبات والمنازل، فيما أطلقت قوات الاحتلال وابلاً من قنابل الصوت والغاز تجاه سكان البلدة الذين احتشدوا لصدّ الاقتحام.

وبعد حوالي أسبوعين على هذا الهجوم، عاد المستوطنون ليحرضوا مجددًا ضدّ بلدة حوارة، مع تداول مقاطع مسجلة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تمجد هجوم المستوطنين على البلدة.

وتتباهى أغنية فاشية تداولها المستوطنون، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عبرية، بإحراق المستوطنين عشرات البيوت ومئات السيارات خلال هجومهم على حوارة، وتقول الأغنية: "من يحترق الآن؟ حوارة".

وقد أفرجت محكمة الاحتلال عن عدد من المستوطنين الذين اعتقلوا على خلفية الاعتداءات على حوارة، وعلى الرغم من عشرات المقاطع المصورة التي توثق اعتداءات المستوطنين على البلدة، وإشعالهم النار في ممتلكات الفلسطينيين، فقد زعمت جهات التحقيق الإسرائيلية أنّ "هناك صعوبة في التعرف عليهم، بادعاء أنهم كانوا ملثمين، وأن جميعهم يلتزم الصمت أثناء التحقيق ولا يتعاونون".

ويأتي إرهاب المستوطنين بتشجيع من المستوى السياسي، إذ دعا وزير مالية الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، إلى محو بلدة حوارة، وقال "لو أنني أملك القرار سأغلق هذه القرية ومحلاتها التجارية لمدة شهر بعد كل مرة يلقون فيها حجرًا على اليهود".

الخارجية الأمريكية: جيش الاحتلال لا يمنع اعتداءات المستوطنين

قال تقرير يلخص تطورات عام 2021 نشرته وزارة الخارجية الأمريكية، في 2323/2/27، إنّ جيش الاحتلال عادة لا يمنع اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، ونادرًا ما يعتقل أو يلاحق المستوطنين الذين يهاجمون الفلسطينيين.

التقرير الذي تزامن مع اعتداءات المستوطنين على بلدة حوارة، أشار إلى أنّ بيانات الأمم المتحدة لعام 2021 تظهر ارتفاعًا ملحوظًا في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث أشار إلى قيام المستوطنين باعتداءات جسدية على الفلسطينيين، واعتداءات على الممتلكات وجرائم على خلفية قومية ضد الفلسطينيين.

وأضاف التقرير إلى أنه بحسب منظمات حقوق الإنسان طرأ تغير في طبيعة اعتداءات المستوطنين، إذ كانت العمليات قد نفذت في الماضي من قبل أفراد أو مجموعات مكونة من 3-4 مستوطنين، فقد نفذت هذه العمليات الآن من قبل مجموعات مكونة من عشرات المستوطنين. وقال التقرير "هناك مؤشرات على أن هذه الهجمات مخطط لها بشكل شبه مؤكد مسبقًا".

وبين التقرير أن افراد جيش وشرطة الاحتلال عادة لا يمنعون هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، ونادرًا ما يعتقلون أو يوجهون اتهامات ضد المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف.

ولا ينفي هذا التقرير الانحياز الأمريكي لدولة الاحتلال، إذ إنّ إدارة بايدن ضغطت على السلطة الفلسطينية مؤخرًا للامتناع عن تقديم مشروع قانون في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان.

تقرير إسرائيلي: شرطة الاحتلال تتجاهل اعتداءات المستوطنين

أكّد تقرير إسرائيلي تجاهل شرطة الاحتلال الغالبية العظمى من اعتداءات المستوطنين التي تستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة.

وبيّن التقرير الذي نشرته منظمة "يش دين" الإسرائيلية أنّ 93% من ملفات التحقيق ضد المستوطنين انتهت من دون تقديم لوائح اتهام وبتسجيل الاعتداء ضد مجهول.

ووفق التقرير، فقد جرى تسجيل 1597 اعتداء من المستوطنين منذ عام 2005 حتى نهاية عام 2022، فتحت سلطات الاحتلال تحقيقًا في 7% منها، ولم تقدّم لوائح اتهام إلا في 107 ملفات، بينما تم إغلاق 81% من الملفات، حيث تدلل المعطيات على تجاهل الشرطة لشكاوى الفلسطينيين في الوقت الذي تفتح فيه تحقيقاً وتقدم لوائح اتهام بحق غالبية الفلسطينيين المقدمة بحقهم شكاوى من المستوطنين.

كما أظهر التقرير أن 3% فقط من لوائح الاتهام المقدمة انتهت بإدانة المستوطنين.

العفو الدولية: الإفلات من العقاب نمط سائد لاعتداءات المستوطنين

قالت منظمة العفو الدولية إنَّ الإفراج عن مستوطنين من مرتبكي الهجوم على الفلسطينيين في بلدة حوارة يؤكد أنَّ الإفلات من العقاب هو النهج السائد لمرتكبي العنف من المستوطنين.

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة: "على الرغم من كثافة واتساع نطاق هجمات المستوطنين في 2/26، التي أسفرت عن استشهاد فلسطيني وجرح ما يقرب من 400 آخرين، وبالرغم من إظهار نادر للإدانة الدولية لعنف المستوطنين، فقد أفرجت الشرطة الإسرائيلية عن ستة مشتبه بهم اعتقلوا على خلفية الهجمات".

وأكدت أن سلطات الاحتلال لطالما مكنّت المستوطنين من شنّ هجمات ضد الفلسطينيين وحرَّضت عليها، وفي بعض الحالات شارك فيها الجنود بشكل مباشر.